وخذ لذلك مثلا أبا سفيان بن حرب والد معاوية ، قيل : إنّه أسْلم بعد فتح مكّة ، وقال النبيّ فيه : « من دخل دار أبي سفيان فهو آمنٌ » ( 1 ) . ومن أجل هذا الحديث الذي ليس فيه فضلٌ ولا فضيلة يعتقد « أهل السنّة والجماعة » بأنّ أبا سفيان أسلم وحَسُنَ إسلامه وهو في الجنّة ، لأنّ الإسلام يجبُّ ما قبله . ولا يتقبّلون بعد ذلك التحليل العقلي الذي يوصلهم إلى الحقيقة ، وبهذا الحديث أيضاً يُعفى كلّ ما فعله أبو سفيان تجاه صاحب الرسالة ودعوته ، وتُنسى كلّ الحروب التي قادَها وموّلها للقضاء على محمّد ، ويُنسى حقده وبغضه للنّبي حتّى إنّه لمّا جاؤوا به وقالوا له أسلم وإلاّ ضربنا عنقك قال : أشهد أنّ لا إله إلاّ الله ، فقالوا : قل : أشهد أنّ محمّداً رسول الله ، فقال : أمّا هذه ففي نفسي شيء منها . وكان إذا اجتمع بالنّبي بعد استسلامه يقول في نفسه : بأيّ شيء غلبني هذا ؟ فيقول له النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالله غلبتك يا أبا سفيان ( 2 ) . فهذان مَثَلان ضربتهما من واقعنَا الإسلامي ، حتّى يتبيّنَ للباحثين مفعول
1 - صحيح مسلم 5 : 171 . 2 - بغية الباحث : 284 ح 943 .