« لو سمعتُ هذا قبل هذا اليوم لكنتُ خادماً لعلي حتى يموت أو أموتُ » ( 1 ) . ونقل المسعودي في تاريخه مثل هذه المحاورة بين معاوية وسعد بن أبي وقّاص ، وذكر أنّ معاوية قال لسعد بعدما حدَّث بحديث المنزلة : ما كنتَ عندي قطّ ألأمَ منك الآن ، فهلاّ نصرته ؟ ولِمَ قعدت عن بيعته ؟ فإنّي لو سمعتُ من النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مثل الذي سمعتَ فيه ، لكنت خادماً لعلي ما عشت ( 2 ) . وما رواه سعد بن أبي وقّاص لمعاوية في فضل علي هو حديث واحدٌ من بين مئات الأحاديث التي تصبّ كلّها في مصبّ واحد ، وتهدف كلّها إلى هدف واحد ، ألا هو أنّ علي بن أبي طالب هو الشخص الوحيد الذي يمثّل الرسالة الإسلامية بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولا يقدرُ عليها غيره ، وما دام الأمر كذلك فجدير بكلّ المؤمنين الصالحين أن يخدموه طيلة حياتهم . فليس قول معاوية بأنّه لو سمع مثل هذا الحديث قبل اليوم لكان خادماً لعلي ما عاش ، إلاّ حقّاً يفتخر به كلّ مؤمن ومؤمنة . ولكن معاوية لم يقل ذلك إلاّ استهزاءً وسخريةً من سعد بن أبي وقّاص كي يشتمه باللؤم ويهينَه ; لأنّه أمتنع عن سبّ علي ولعنه ولن ينفّذ رغبته في ذلك . وإلاّ فإنّ معاوية يعرف أكثر من حديث المنزلة في فضل ابن أبي طالب ، ويعرف أيضاً بأنّه أولى الناس بعد الرسول ، وذلك ما صرّح به في الرسالة
1 - تاريخ ابن كثير 8 : 83 . 2 - مروج الذهب 3 : 15 ، في ذكر معاوية وأخباره .