فلا إكراه في الدّين ، ولا بيعة بالإكراه في الإسلام ، ولم يأمر الله نبيّه أن يقاتل الناس ليبايعوه . وهذه سنّة النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وسيرته الشريفة تحدّثنا بأنّه لم يكره أحداً من الناس على بيعته أبداً ، ولكنّ الخلفاء والصحابة هم الذين سنّوا تلك البدعة ، وهدّدوا الناس بالقتل إنْ لم يدخلوا في بيعتهم ! ! وإذا كانت فاطمة نفسها هُدِّدَتْ بالحرق إنْ لم يخرج المتخلّفون في بيتها للبيعة ! وإذا كان علي نفسه وهو الذي نصّبه رسول الله للخلافة يسلِّطون عليه السيف ، ويقسمون باللّه ليقتلنّه إن لم يُبايع ، فلا تسأل عن بقية الصحابة المستضعفين ، أمثال عمّار وسلمان وبلال وغيرهم . والمهم أنّ سعد بن أبي وقّاص امتنع عن بيعة عليّ ، كما امتنع عن سبّه لما أمره معاوية بذلك ، كما جاء في صحيح مسلم . ولكن هذا لا يكفي سعداً ولا يضمن له الجنّة ; لأنّ مذهب الاعتزال الذي أسّسه تحت شعار : « أنا لستُ معك ولستُ ضدّك » لا يقبله الإسلام ولا يعترف به ، لأنّ الإسلام يقول : ليس بعد الحقّ إلاّ الضلال . ولأنّ كتاب الله وسنّة رسوله قد رسما معالم الفتنة وأخبرا بها ووضعا لها حدوداً ، ليهلك مَن هلك عن بيّنة وينجوَ مَن نجا عن بيّنة . وقد بيّن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كلّ شيء بقوله في علي : « اللّهمّ والِ مَن والاه ، وعادِ مَن عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل مَن خذله ، وأدر الحقّ معه حيث دار » ( 1 ) .
1 - الملل والنحل للشهرستاني 1 : 163 ، الصواعق المحرقة 1 : 106 ، السيرة الحلبية 3 : 384 وفي ملحقات إحقاق الحقّ 6 : 292 عن إسعاف الراغبين والعقد الفريد ، وقد تقدّم ذكر مصادر الحديث سابقاً .