سنّها الشيخان بعد النبيّ . ولذلك نرى عثمان أطلق العنان لرأيه ، واجتهد أكثر من صاحبه ، حتّى أنكر عليه الصحابة ، وجاؤوا يلومون عبد الرحمان بن عوف قائلين له : هذا عمل يديك ! ولمّا كثُرتْ المعارضة والإنكار على عثمان ، قام في الصحابة خطيباً فقال لهم : « لماذا لم تنكروا على عمر بن الخطّاب اجتهاده ، ألأنّه كان يُخيفكم بدرته ؟ » . وفي رواية ابن قتيبة : قام عثمان خطيباً على المنبر لما أنكر الناس عليه فقال : أما والله يا معشر المهاجرين والأنصار لقد عبتم عليَّ أشياء ونقمتم عليَّ أموراً قد أقررتم لابن الخطّاب مثلها ، ولكنّه وقمكم وقمعكم ، ولم يجترئ أحدٌ يملأ بصره منه ولا يُشير بطرفه إليه ، أمَا والله لأنَا أكثر من ابن الخطّاب عدداً وأقرب ناصراً ( 1 ) . وأعتقد شخصيّاً بأنّ الصحابة من المهاجرين والأنصار لم ينكروا على عثمان اجتهاده ، فقد ألفوا الاجتهاد وباركوه من أوّل يوم ، ولكنّهم أنكروا عليه لمّا عزلهم وولّى المناصب والولايات الفساق من بني عمومته وقرابته ، الذين كانوا بالأمس القريب حرباً على الإسلام والمسلمين . وقد سكت المهاجرون والأنصار على أبي بكر وعمر لأنّهما أشركاهم في الحكم ، وأعطياهم المناصب التي فيها المال والجاه . أمّا عثمان فإنّه عزل أكثرهم ، وأعطى الأموال الطائلة إلى بني أُميّة بغير