إبراهيم وإسماعيل ( عليهما السلام ) لأنّ العرب في الجاهلية أخّروه إلى مكانه اليوم ، فلمّا ولّي عمر بن الخطّاب أخّره إلى موضعه الآن ، وكان على عهد النبيّ وأبي بكر ملصقاً بالبيت ( 1 ) . فهل ترى بربّك من مبرّر لعمر بن الخطّاب حتّى يعمد فيُميتَ سنّة النبيّ الذي أعاد ما فعله إبراهيم وإسماعيل ( عليهما السلام ) ، فيُحيي عمر سنّة الجاهلية ، ويُعيد بناء المقام كما كان على عهدهم ؟ فكيف لا تُقدّمه قريش ، وكيف لا تروي في فضائله ما يتعدّى الخيال ، حتّى إنّ صاحبه أبا بكر الذي تقدّمه في الخلافة لم يبلغ شأوَهُ وكان في نزعه ضعفٌ حسب ما يرويه البخاري ، ولكن عمر أخذها منه فلم يُرَ عبقرياً يفري فريه . وهذا نزرٌ يسيرٌ من بدعه التي أحدثها في الإسلام ، وهي مخالفة كلّها لكتاب الله وسنّة رسوله ، ولو شئنا جمع البدع والأحكام التي قال فيها برأيه ، وحمل الناس عليها ، لكتبنَا في ذلك كتاباً مستقلا ، لولا توخّي الاختصار . ولقائل أن يقول : كيف خالف عمر بن الخطّاب كتاب الله وسنّة رسوله ، والله تعالى يقول : * ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِن وَلا مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِيناً ) * ( 2 ) ؟ وهذا ما يردّده أكثر الناس اليوم ، وكأنّهم يكذبون ولا يصدّقون أنّ عمر
1 - الطبقات الكبرى لابن سعد 3 : 284 ولفظه : « وهو أخّر المقام إلى موضعه اليوم ، كان ملصقاً بالبيت » . 2 - الأحزاب : 36 .