ولا يصح ثانياً : لأنّه يصبح حجّة لكلّ من جهل أحكام الله ورسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بأن يقضي برأيه بما شاء ، ولا يكلّف نفسه معرفة النصوص . ولا يصح ثالثاً : لقول الله سبحانه : * ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) * ، * ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) * ، * ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) * ( 1 ) . ولا يصح رابعاً : لأنّ الذي يجهل الأحكام لا يحقّ له القضاء ولا الافتاء حتى يعرف حكم الله ورسوله في ذلك . وإذا كان النبيّ نفسه هو رسول الله ، وقد أعطاه الله سبحانه حقّ التشريع للأُمة ، فقال : * ( مَا كَانَ لِمُؤْمِن وَلا مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) * ( 2 ) ، ومع ذلك فإنّه لم يعمل طيلة حياته ، ولم يحكم في قضية واحدة برأي ولا بقياس ولا باجتهاد ، بل كان دائماً يتبع النصوص الإلهية التي ينزل بها جبريل ( عليه السلام ) كلّما دعت الحاجة لذلك ، والروايات التي تخالف هذا الواقع كلّها موضوعة . ولمزيد الاطمئنان بما قدّمناه ، إليك الدليل من صحاح « أهل السنّة » ، أخرج البخاري في صحيحه قوله : ما كان النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يُسأل ممّا لم ينزل عليه الوحي فيقول : لا أدري أو لم يجب حتى ينزل عليه الوحي ، ولم يقل برأي ولا قياس ، لقوله تعالى : * ( بِمَا