وهذا الحديث باطل ولا يمكن أن يصدر عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فكيف يقول النبيّ لمعاذ : إن لم تجد في كتاب الله وسنّة رسوله ؟ والله يقول لرسوله : * ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيء ) * ( 1 ) ، ويقول : * ( مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيء ) * ( 2 ) وكذلك قوله : * ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) * ( 3 ) . وقال أيضاً لرسوله : * ( إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ ) * ( 4 ) . فكيف يقول النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعد هذا لمعاذ : إن لم تجد في كتاب الله ولا في سنّة رسوله ؟ ! وهل هذا إلاّ اعتراف بأن كتاب الله وسنّة رسوله ناقصان ، ولم يبيِّنا كلّ الأحكام القضائية ! ولقائل أن يقول : ربما كان هذا الحديث لمعاذ بن جبل في بداية الدعوة ، ولم يكمل بعد نزول القرآن . قلنا : لا يصحُّ ذلك . أولا : لقول معاذ : أحكم بكتاب الله ، فدلّ على أنّ كتاب الله كاملٌ عندهم . وإذا أضفنا إليه قوله : أقضي بسنّة رسوله ، علمنا بما لا شكّ فيه بأنّ الحديث وضع في زمن متأخّر جدّاً عندما كثر القول بالاجتهاد مقابل النصوص ; لأنّ مصطلح كتاب الله وسنّة رسوله كان يستعمل دائماً فيما بعد النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .