فقال أبو جعفر : يُحملون عليه ، ونضرب عليه هاماتِهم بالسيف ، ونقطع طي ظهورهم بالسّياط ، فتعجّل بذلك وضعها فسيأتيك محمّد المهدي ابني العام القابل إن شاء الله إلى المدينة ليسمعها منك ، فيجدك وقد فرغت من ذلك إن شاء الله . قال مالك : فبينما نحن قعود إذ طلع بُني له صغير من قبة بظهر القبّة التي كنّا فيها ، فلمّا نظر إلي الصبي فزع ثمّ تقهقرَ فلم يتقدّم ، فقال له أبو جعفر : تقدّم يا حبيبي إنّما هو أبو عبد الله فقيه أهل الحجاز ، ثمّ التفت إليّ فقال : يا أبا عبد الله أتدري لمَ فزع الصبي ولم يتقدّم ؟ فقلت : لا ! فقال : والله استنكر قرب مجلسك منّي إذ لم يرَ بهِ أحداً غيرك قط ، فلذلك تقهقر . قال مالك : ثمّ أمر لي بألف دينار عيناً ذهباً ، وكسوة عظيمة ، وأمر لابني بألف دينار ، ثمّ استأذنته فأذن لي ، فقمتُ فودّعني ودعا لي ، ثمّ مشيتُ مُنطلقاً ، فلحقني الخصيّ بالكسوة فوضعها على منكبي ، وكذلك يفعلون بمن كسوه وإن عَظُم قدره ، فيخرج بالكسوة على الناس فيحملها ثمّ يُسلّمها إلى غلامه . فلمّا وضع الخصيّ الكسوة على منكبي انحنيتُ عنها بمنكبي كراهة احتمالها ، وتبرّؤاً من ذلك . فناداه أبو جعفر : بلّغها رَحْلَ أبي عبد الله . . . إنتهى ( 1 ) .