كما هي عادتُهم . وبمرورهم أمام مسكن ضابط الشرطة الفرنسي ، خرج إليهم هذا الأخير مُغضباً فكسر بناديرهم وفرّق جمعهم ، لأنّهم لم يعملوا بقانون احترام الجار ، والتزام الهدوء بعد العاشرة ليلا . ولمّا علم المُراقب المدني بالحادثة ، وهو بمثابة الوالي عندنا ، غضب غضباً شديداً على ضابط الشرطة فعزله من منصبه ، وأعطاه ثلاثة أيام لمغادرة مدينة قفصة ، ثمّ استدعى شيخ الطريقة العيساوية واعتذر إليه باسم الحكومة الفرنسية ، واسترضاه بأموال كثيرة كي يشتري بها بنادير وأثاثاً جديداً ويعوّض كلّ ما كُسّر لهم . وعندما سأله أحد المقرّبين إليه لماذا فعل كلّ ذلك ؟ أجابه بأن الأفضل لنا أن يتلهّى هؤلاء الوحوش بضرب البنادير ، وينشغلوا بالشطحات وأكل العقارب ، وإلاّ سوف يتفرّغوا لنا ويأكلونا نحن لأنّا غاصبين حقوقهم ! ! ونعود إلى الإمام مالك لنستمع إليه يروي بنفسه كيف كان لقاؤه بالخليفة أبي جعفر المنصور :