وممّا لا شكّ فيه أنّ انتشار تلك المذاهب وشهرتها وعلوّ شأنها كان بتأييد ومباركة الحكّام . وممّا لا شكّ فيه أيضاً بأنّ أُولئك الحكّام كلّهم بدون استثناء كانوا يعادون الأئمة من أهل البيت ; لشعورهم الدّائم بأنّ هؤلاء يهدّدون كِيَانهم وزوال ملكهم ، فكانوا يعملون دائماً على عزلهم عن الأُمّة وتصغير شأنهم وقتل من يتشيّع لهم . فبديهي أن يُنصب أُولئك الحكّام بعض العلماء المتزلّفين إليهم ، والذين يفتونهم بما يتلاءم مع حكمهم ووجودهم ، وذلك لحاجة الناس المستمرة لوجود الحلول في المسائل الشرعية . ولمّا كان الحكّام في كلّ العصور لا يعرفون من الشريعة شيئاً ولا يفهمون الفقه ، فكان لا بدّ أنْ ينصّبوا عالماً باسمهم يفتي ، ويُموّهون على الناس بأنّ السياسة شيء والدّين شيء آخر . فكان الخليفة الحاكم هو رجل السياسة والفقيه رجل الدّين ، كما يفعل