وهو ردّ صريح على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، والراد على رسول الله رادٌ على الله كما لا يخفى . وقول عمر بن الخطّاب هذا خرجته كلّ صحاح « أهل السنّة » بما فيهم البخاري ومسلم ، فإذا كان النبيّ قد قال : « تركتُ فيكم كتاب الله وسنّتي » فعمر قال له : حسبنا كتاب الله ولا حاجة لنا بسنّتك ، وإذا كان عمر قد قال بمحضر النبيّ : حسبنا كتاب الله ، فإنّ أبا بكر أكّد على تنفيذ رأي صاحبه فقال عندما أصبح خليفة : « لا تحدّثوا عن رسول الله شيئاً ، فمن سألكم فقولوا : بيننا وبينكم كتاب الله ، فاستحلّوا حلاله وحرّموا حرامه » ( 1 ) . كيف لا نعجب من قوم تركوا سنّة نبيّهم ونبذوها وراء ظهورهم ، وأحلّوا محلّها بدعاً ابتدعوها ما أنزل الله بها من سلطان ، ثمّ يُسمّون أنفسهم وأتباعهم « أهل السنّة والجماعة » ؟ ! ولكنّ العجب يزول عندما نعرف بأنّ أبا بكر وعمر وعثمان ما كانوا يعرفون هذه التسمية أبداً ، فهذا أبو بكر يقول : « لئن أخذتموني بسنّة نبيكم ( صلى الله عليه وسلم ) لا أطيقها » ( 2 ) . كيف لا يطيق أبو بكر سنّة النبيّ ؟ فهل كانت سنّته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أمراً مستحيلا حتى لا يطيقها أبو بكر ؟ وكيف يدّعي « أهل السنّة » أنّهم متمسّكون بها إذا كان إمامهم الأول
1 - تذكرة الحفاظ للذهبي 1 : 3 . 2 - مسند أحمد 1 : 14 وصرّح محقّق الكتاب أحمد محمّد شاكر بأنّه حديث حسن ، كنز العمال 5 : 588 ح 14046 .