تعليق : في هذه القصة طرائف لا بدَّ من ذكرها : أوّلا : إنّ قضية الاستئذان معروفة في الإسلام ، وهي سنّة نبوية يعرفها الخاصّ والعام ، وقد كان الناس يستأذنون للدخول على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وهذه من آداب الإسلام ومفاخره . وتفيد هذه الرواية بأنّ عمر بن الخطّاب كان له حرّاس وشرطة تمنع الناس من الدخول عليه إلاّ بالاستئذان ، فقد استأذن عليه أبو موسى ثلاث مرّات ولم يأذن له فرجع ، ولكنّ أنصاره وأتباعه من بني أُميّة وكأنّهم أرادوا تفضيله وتقديمه على النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقالوا بأنّه كان ينام على حافّة الطريق بدون حرس ، حتى قيل فيه : عدلتَ فنمتَ . وكأنّهم يقولون بأنّه أعدل من النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لأنّ النبيّ كان عنده حراسة ، وإلاّ لماذا يقال : ماتَ العدلُ مع عمر ؟ ! ثانياً : تفيدنا هذه الرواية على مدى الغلظة والشدّة التي كان يعرفُ بها عمر بن الخطّاب ، وكيف كان يعامل المسلمين بدون مبرّر لذلك . فهذا أبو موسى الأشعري ، وهو من أكابر الصحابة ، يستدلّ بحديث النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بخصوص الاستئذان ، فيقول له عمر : « والله لأوجعنّ ظهرك وبطنك أو لتأتينّ بمن يشهد لك على هذا » ( 1 ) . فهل هناك مبرر لإهانة أبي موسى وتكذيبه أمام الناس ، وتهديده بالضرب الموجع لمجرّد رواية رواها عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، حتّى قال أُبي بن كعب - بعدما شهد بصحّة الحديث - : « يا بن الخطّاب لا تكوننّ عذاباً على
1 - صحيح مسلم 6 : 178 ، ( كتاب الآداب ، باب الاستئذان ) .