السنّة النبويّة بين الحقائق والأوهام إذا كان عمر بن الخطّاب المعدود عند « أهل السنّة والجماعة » من الملهمين ومن أعلم الصحابة ، إذا لم يكن أعلمهم على الإطلاق للرّواية التي أخرجوها في صحاحهم أنّ النبيّ أعطاه فضل شرابه وتأوّل ذلك بالعلم ، يشهد على نفسه بأنّه يجهل الكثير من السنّة النبويّة ، وقد شُغل عنها بالتّجارة في الأسواق . فهذا البخاري يروي في صحيحه في باب الحجّة على من قال : إنّ أحكام النبيّ كانت ظاهرة ، وما كان بعضهم يغيبُ عن مشاهدة النبيّ وأُمور الإسلام ، قال : استأذن أبو موسى على عمر ، فكأنّه وجده مشغولا فرجع ، فقال عمر : ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس ائذنوا له ، فدُعي له فقال : ما حملك على ما صنعتَ ؟ فقال : إنّا كنّا نُؤمر بهذا ، فقال عمر : فائتني على هذا ببيّنة أو لأفعلنّ بك ، فانطلق إلى مجلس الأنصار فقالوا : لا يشهد إلاّ أصاغرنا ، فقام أبو سعيد الخدري فقال : قد كنّا نؤمر بهذا ، فقال عمر : خفيَ عليَّ هذا من أمر النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ألهاني الصفق بالأسواق ( 1 ) .
1 - صحيح البخاري 8 : 157 ( من كتاب الاعتصام بالكتاب والسنّة ) . صحيح مسلم 6 : 179 ( في باب الاستئذان من كتاب الآداب ) .