نام کتاب : السلفية بين أهل السنة والإمامية نویسنده : السيد محمد الكثيري جلد : 1 صفحه : 285
واشتغاله بعلم الكلام والفلاسفة ولم يكن سلفيا ، ولكنه لما وصل إلى ما وصل إليه من نتائج انقلب على ابتداعه وادعى أتباعه للسلف وحمل على باقي المشتغلين بهذه العلوم فبدعهم وضللهم . لكن أحدا لا يقول بأن شيخ الإسلام كان ضالا مبتدعا سنوات اشتغاله بعلم الكلام والفلسفة ، فيكف ذلك ؟ ! يقول الدكتور البوطي : لقد انعكس هذا الاضطراب في كلام ابن تيمية ، على أذهان كثير ممن يقرأون له ، بسطحية ودون صبر أو استيعاب . فقد أخذوا يروون عنه مستدلين ومحتجين أنه أنكر الاشتغال بعلم الكلام وحذر منه ، وسفه المشتغلين به والمؤلفين فيه ، مع أنه قرر نقيض ذلك تماما بل أنه خاض في المباحث الكلامية ، طبقا للمقاييس الفلسفية في الجزء الثالث من مجموع فتاواه ، خوضا سبق به أساطين علم الكلام الذين ينهال عليهم ( السلفيون ) كل يوم بالهجوم المقذع والنسبة إلى الابتداع . فقد تحدث عن العلاقة بين الوجود والموجود ، وعن القدرة الصلوحية والتنجيزية ، في العبد ، وهو توجد القدرة عند مباشرة الفعل أم قبلها ، وعن الجبر والاختيار ، وعن القدم بالنوع والحدوث في الجزئيات . . وأوغل في ذلك أيما إيغال . وهو مما ينأى عنه - بدون ريب - منهج القرآن وطريقته في بيان عقائد الإسلام ، على حد ما يقوله ابن تيمية ، ويقرره في أكثر من مناسبة [102] . وعليه فابن تيمية لم يكن سلفيا عندما اشتغل بعلم الكلام والفلسفة . وعندما أفتى بضلال من يشتغل بهما فإنما كان ذلك منه غرور علمي ليس إلا ، وممارسة الأستاذية على الناس وطلبة العلم . وهذه الأستاذية التي إن قبل بها أتباعه من حشوية العوام ، فإن باقي علماء الفرق والمذاهب رفضوها ولم يعتبروها إلا ادعاءا جديدا يضاف إلى ادعاءاته الكثيرة ، وقد أوردنا سابقا بعضا من آراء علماء أهل السنة فيه وفي علمه واجتهاده .