نام کتاب : السلفية بين أهل السنة والإمامية نویسنده : السيد محمد الكثيري جلد : 1 صفحه : 148
يكن فقيها مجتهدا : لأن " الاجتهاد بالمعنى المصطلح الذي كان يتمتع به سائر الأئمة لم يكن متوفرا فيه ، إلا ببعض مراتبه الضئيلة التي لا يصح عده معها أحد الأئمة الفقهاء ، فإن للاجتهاد مؤهلات وشرائط محررة في محلها ، أعظمها وجود ملكة قدسية يقتدر معها الإنسان على استخراج الفروع عن الأصول . وأما الافتاء بالحكم في ضوء النص الصريح الوارد فيه فليس إلا مرتبة ضعيفة من الاجتهاد . والاجتهاد المطلق يستدعي ذهنا وقادا مشققا للفروع ومستخرجا إياها من الأصول ، إلى غير ذلك مما يقول به أئمة الفقه . والمعروف من الإمام أحمد غير ذلك فإن اجتهاده كان أشبه باجتهاد الإخباريين والمحدثين الذين يفتون بنص الحديث ويتوقفون في غير مورده [77] . ومهما يكن فقد تداولت الأجيال هذه التهمة - كون أحمد ليس فقيها - وحاول الحنابلة جهدهم تفنيدها والدفاع عن فقاهة إمامهم . ومما يجعل الأمر أكثر تعقيدا بالنسبة لهم ، أن هذا الكلام لا يقول به أعداؤهم أو ممن هم خارج دائرة أهل السنة والجماعة ، وإنما قال به علماء وفقهاء هذا الفريق ، وانتشر بين الطلبة والمدرسين . يقول ابن عقيل وهو فقيه حنبلي : جاء بعد عصر الإمام أحمد ابن حنبل : " عجيب ما سمعته عن هؤلاء الأحداث الجهال إنهم يقولون : أحمد ليس فقيه ، لكنه محدث . قال وهذا غاية الجهل ، لأن له اختيارات بناها على الأحاديث بناء لا يعرفه أكثرهم ، وربما زاد على كبارهم . . . قلت : ما أحسبهم يظنونه محدثا وبس ، بل يتخيلونه من بابة محدثي زماننا ، والله لقد بلغ في الفقه خاصة رتبة الليث ومالك والشافعي ، وأبي يوسف [78] . أما نحن فلا نعتقد أن القسم بالله سيفيد الحنابلة في إثبات إمامة صاحبهم في الفقه ، لأن القسم قد يكون كاذبا كما يكون صادقا . وهذه مسألة علمية لها واقعها الموضوعي ، وهو تراث أحمد الفقهي وحصيلته العلمية . ولأن أصحاب
[77] بحوث في الملل والنحل ، ج 1 ص 313 . [78] العواصم والقواصم ، ج 4 ص 242 ، 244 .
148
نام کتاب : السلفية بين أهل السنة والإمامية نویسنده : السيد محمد الكثيري جلد : 1 صفحه : 148