نام کتاب : السلفية بين أهل السنة والإمامية نویسنده : السيد محمد الكثيري جلد : 1 صفحه : 118
بها ، فناوله المتوكل الكأس الذي في يده ، فقال : يا أمير المؤمنين ، ما خامر لحمي ودمي قط ، فاعفني منه ، فعافاه . وقال : أنشدني شعرا أستحسنه . فقال : إني لقليل الرواية للأشعار ، فقال : لا بد أن تنشدني فأنشده : باتوا على قلل الجبال تحرسهم * غلب الرجال فما أغنتهم القلل واستنزلوا بعد عز عن معاقلهم * فأودعوا حفرا يا بئس ما نزلوا ناداهم صارخ من بعد ما قبروا * أين الأسرة والتيجان والحلل أين الوجوه التي كانت منعمة * من دونها تضرب الأستار والكلل فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم * تلك الوجوه عليها الدود يقتتل قد طالما أكلوا دهرا وما شربوا * فأصبحوا بعد الأكل قد أكلوا وطالما عمروا دورا لتحضنهم * ففارقوا الدور والأهلين وانتقلوا وطالما كنزوا الأموال وادخروا * فخلفوها على الأعداء وارتحلوا أضحت منازلهم قفرا معطلة * وساكنوها إلى الأجداث قد رحلوا قال : فأشفق كل من حضر على علي ، وظن أن بادرة تبدو منه إليه [26] . في هذا العصر ولد أحمد بن حنبل وشب واشتغل بالعلم وطلب الحديث . ولما انفجرت فتنة خلق القرآن كان أحد أبطالها الذين صبروا على ما ابتلوا به ، ولما انفرجت الأزمة ، اشتهر أمره وعقدت له زعامة أهل الحديث . ولما توفي اصطنع له مذهب في الأصول والفروع ودعي العامة إلى تقليده ، وانتصر له بعض العلماء ممن سينسبون إلى مذهبه ، وسيسمون ب " الحنابلة " . وأضيف مذهبه إلى باقي المذاهب الفقهية التي انتشر تقليدها بين الجماهير المسلمة طيلة قرون خلت وإلى الآن . * * *