" يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض " [6] . أما لفظة " الراشدون " جمع راشد . صفة للنضج والحلم والعقل . أما في المصطلح فإن الخلفاء جمع خليفة مشتقة عن مصدر خلافة . . وهي النيابة ، والقيام مقام الرسول ( ص ) بعد وفاته ، وتمثل كل مهماته كحمل الناس على الطاعات وتنفيذ حكم الشريعة . والخلفاء الراشدون هم جماعة تلي الأمر بعد الرسول ( ص ) ويكون هديها من صميم هدي الرسول ( ص ) . في الاصطلاح الذي تواضع عليه العامة فيما بعد ، أصبحت كلمة " الخلفاء الراشدون " تطلق على أشخاص معينين . هم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي . وقد طال الأمد على العامة إلى أن قسى قلبها وتحجر على هذا الاصطلاح ، رغم ما يعتريه من تعسف على الواقع التاريخي ، ومفاد النص ، اللذين تتأكد من خلالهما الخلفية السياسية لهذا الاصطلاح . فتاريخيا لم يكن اسم خليفة متداولا في عصر الرسول ( ص ) بمعناه الاصطلاحي إلا في شخص علي ( ع ) وذلك للأدلة التي ذكرناها آنفا ، كحديث يوم الدار [7] . وكان أبو بكر قد سمى نفسه " خليفة رسول الله وكتب بذلك إلى الأطراف " [8] . فكان يكتب من خليفة رسول الله ، وكان عمر يكتب : " من خليفة خليفة رسول الله " . وكان قبل ذلك يقال له : " خليفة خليفة رسول الله ، فعدلوا عن تلك العبارة لطولها " [9] . وكان أبو بكر في البداية يتحرج من الجهر بها ، ويضطرب من أمرها . فقد جاء
[6] 24 سورة البقرة . [7] تفسير الطبري / ج 19 ص 74 . [8] الصواعق المحرقة / ص 90 مكتبة القاهرة 1385 ه - 1965 م . [9] تاريخ السيوطي - مطبعة السعادة بمصر ص 137 - 138 ( 1371 ه ) .