خط النفاق في المجتمع الإسلامي . لذلك السبب رأينا كيف عمل الرسول ( ص ) الوسع في إبعادهم عن المدينة يوم جاءه الأجل ، وكيف عملوا على إفشال ذلك التدبير . أما التيار الثاني فهو تيار مستقل له شوكته ومقدراته له أهدافه ومقاصده يميزه عن التيار الأول ، إنه كان يمثل الامتداد السري لحركة الشرك في الجزيرة العربية . وكان هذا التيار متمثلا في بني أمية ، وعلى رأسهم أبو سفيان وبنيه ! . وحسبنا من ذلك شهادات تاريخية تثبت بقاء أبي سفيان وابنه معاوية على الشرك . فقد روى ابن الزبير قال : " كنت مع أبي باليرموك وأنا صبي لا أقاتل ، فلما اقتتل الناس نظرت إلى ناس على تل لا يقاتلون ، فركبت وذهبت إليهم وإذا أبو سفيان بن حرب ومشيخة من قريش من مهاجرة الفتح ، فرأوني حدثا ، فلم يتقوني ، قال : فجعلوا والله إذا مالت المسلمون وركبتهم الروم يقولون : " إيه بني الأصفر " فلما هزم الله الروم أخبرت أبي ، فضحك ، فقال " قاتلهم الله أبوا إلا ضغنا ، لنحن خير لهم من الروم " [46] . وفي أيام عثمان جاء أبو سفيان إليه وجماعة من أقاربه وقال : يا معشر بني أمية ! إن الخلافة صارت في تيم وعدي حتى طمعت فيها ، وقد صارت إليكم فتلقفوها بينكم تلقف الصبي الكرة : فوالله ما من جنة ولا نار " [47] . وذكر صاحب شرح النهج ، " إن أبا سفيان مر بقبر حمزة ، وضربه برجله وقال : " يا أبا عمارة ! إن الأمر الذي اجتلدنا عليه بالسيف أمس صار في يد غلماننا اليوم يتلعبون به " .
[46] ابن الأثير / أسد الغابة ص 149 ج 5 - 1409 ه - 1989 م دار الفكر - بيروت - الطبري ج 4 ص 137 . [47] الأغاني / أبي الفرج الأصفهاني ج 6 ص 355 - 356 .