القبلي المتدني لتيار الاغتصاب ، وكيف كان موقف الرافضين له . ومما يؤكد على عدم التفاني العقيدي لهذا التيار إنه كان جد حذر من الهزيمة ، ومستعد لكل الطوارئ في مختلف المعارك الكبرى للإسلام . فكتب التاريخ والسيرة تعطينا فكرة عن موقف أبي بكر في غزوة بدر . ففي الوقت الذي تقدم فيه كل من علي ( ع ) وحمزة وعبيدة بن الحرث ، يبارزون صناديد الكفر ، كان أبو بكر خلفهم قرب الرسول ( ص ) في العريش الذي أقيم له ، يتفرج عليهم . ويا لها من فرجة ! وكان أبو بكر وحده مع الرسول ( ص ) بالعريش ! [41] . أما في غزوة أحد ، فإن الأمر أشد وأنكر . فلقد انهزم الكثير من المسلمين . وكان أبو بكر وعمر وعثمان ممن فر في هذه الغزوة . ذكر السدي : لما أصيب النبي ( ص ) بأحد قال عثمان : لألحقن بالشام ، فإن لي به صديقا من اليهود ، فلآخذن منه أمانا ، فإني أخاف أن يدال علينا اليهود ، وقال طلحة بن عبيد الله : لأخرجن إلى الشام ، فإن لي به صديقا من النصارى ، فلآخذن منه أمانا ، فإني أخاف أن يدال علينا النصارى . وذكر السدي : " فأراد أحدهما أن يتهود ، والآخر أن يتنصر . قال : فأقبل طلحة إلى النبي ( ص ) وعنده علي ، فاستأذنه طلحة في المسير إلى الشام ، وقال : إن لي بها مالا آخذه ثم انصرف ، فقال النبي ( ص ) : عن مثلها من حال ، تخذلنا وتخرج وتدعنا ، فأكثر على النبي ( ص ) من الاستئذان ، فغضب علي وقال : يا رسول الله ، إئذن لابن الحضرمية ، فوالله لأعز من نصره ، ولأذل من خذله ، فكف طلحة عن الاستئذان عند ذلك ، فأنزل الله تعالى فيهم : " ويقول الذين آمنوا : أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم ، حبطت أعمالهم " [42] يعني أولئك يقول : إنه يحلف لكم إنه مؤمن معكم فقد حبط عمله بما دخل فيه
[41] تاريخ ابن خلدون ج 2 ص 416 . [42] المائدة / 53 .