نتيجة المدخل نستخلص من هذه المقدمة السريعة أن النفاق ظل موجودا في المجتمع الإسلامي إلى ما بعد وفاة الرسول الأعظم ( ص ) ويشكل بؤرة المعاناة اليومية للمسلمين . كما نستخلص أن حركة النفاق في المجتمع الإسلامي لم تكن واحدة . بل كانت عبارة عن فصائل وتيارات تختلف أهواءها ومقاصدها . فهناك من قد دخل الإسلام ليركب متن الصراع . وليكون له الأمر من بعد الرسول ( ص ) وهذا المنطق كان موجودا يومها في الجزيرة العربية . فعندما عرض النبي ( ص ) نفسه على بني عامر بن صعصعة فيما ينقله ابن هشام في السيرة ، قال : قال له رجل : " أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك ثم أظهرك الله على من خالفك ، أيكون لنا الأمر من بعدك . قال : الأمر لله يضعه حيث يشاء . فقالوا له : أفتهدي نحورنا للعرب دونك ، فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا ، لا حاجة لنا بأمرك ، فأبوا عليه " . لقد أدرك الكثير من العرب ، إن دعوة الرسول الأعظم ( ص ) لها شأن عظيم في المستقبل وإنها لا أقل تبقى صفقة مربحة ما دام يمثلها أعظم شخصية هاشمية . لقد عبر عن ذلك رجل من بني عامر بن صعصعة : " والله لو إنني أخذت هذا الفتى من قريش ، لأكلت به العرب " [36] وهذا إغراء كاف لأولئك الذين افتقروا
[36] سيرة ابن هشام ص 73 ج 2 الطبعة الثانية 1409 ه - 1989 م . - دار الكتاب العربي - بيروت .