ولكي ندرك فقر هذا الادعاء ، يكفينا أن نستعرض بعض الأمثلة والنماذج من علم أبي بكر ، ونترك للقارئ حرية إصدار الحكم عليها : سئل أبو بكر عن الكلالة ؟ فقال : إني سأقول فيها برأيي فإن يك صوابا فمن الله وأن يك خطأ فمني ومن الشيطان ، والله ورسوله بريئان منه ، أراه ما خلا الولد والوالد ، فلا استخلف عمر قال : إني لأستحيي الله أن أرد شيئا قاله أبو بكر [9] . والمقصود هنا من الكلالة ، ما جاء في قوله تعالى : " يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك " . عن قبيصة بن ذؤيب قال : جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق ، تسأله عن ميراثها فقال لها أبو بكر : ما لك في كتاب الله شئ ، وما علمت لك في سنة رسول الله ( ص ) شيئا فارجعي حتى أسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة ، حضرت رسول الله ( ص ) أعطاها السدس ، فقال أبو بكر : هل معك غيرك ؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال مثل ما قال المغيرة فأنفذه لها أبو بكر [10] . عن صفية بنت أبي عبيد : " إن رجلا سرق على عهد أبي بكر ، مقطوعة يده ورجله ، فأراد أبو بكر أن يقطع رجله ويدع يده يستطيب بها ويتطهر بها ، وينتفع بها ، فقال عمر : لا والذي نفسي بيده لتقطعن يده الأخرى فأمر به أبو بكر [11] . أتا أبا بكر جدتان أم الأم وأم الأب فأعطى الميراث أم الأم دون أم الأب ، فقال له عبد الرحمن بن سهيل أخو بني حارثة : يا خليفة رسول الله ! لقد أعطيت التي لو أنها ماتت لم يرثها ، فجعله أبو بكر بينهما - يعني السدس - ( 12 ) . هذه النماذج تظهر إلى أي مستوى بلغ الدجل بأولئك المحرفين الذين أضلوا الأمة بأشخاص وهميين لا رصيد لهم من أي ادعاء اختلقه لهم أنصارهم . وأود لو أختم كلامي عن أبي بكر ، بما رواه عنه اتباعه ، من أساطير تخالف
[9] ابن جرير الطبري في التفسير ج 8 ص 30 / البيهقي في السنن 6 ص 223 . [10] موطأ مالك : ص 335 - سنن أبي داود 2 ص 17 / بداية المجتهد 2 ص 344 . [11] شنن البيهقي 8 ص 273 ، 274 . ( 2 1 ) الموطأ ص 335 - بداية المجتهد 2 ص 344 .