الذاكرة . . أساس الشخصية ! تكمن عدالة الإسلام في رفع التكليف عما يتعلق بالذاكرة ، إذا صمم المسلم على تجاوزها في حالة مخالفتها لصريح الأحكام الشرعية ، وذلك مرجعه إلى واقعية التقدير الذي يكنه الإسلام للإنسان ، فهو ينظر إليه مجردا من ماضيه الشركي مثلا ، وفي كلامنا عن الخلفاء نضطر إلى استحضار بعض من تاريخهم ليس من أجل تحميلهم إياه ومحاكمتهم من خلال ذاكرتهم الجاهلية . إنما لسببين ضروريين : أولا : من أجل معرفة مدى عزوفهم عنها ، إذ أن الحفاظ على بعض من تلك القيم الجاهلية يجعل من الحق التعرض لهم والحكم عليهم من خلال ماضيهم ، لأنه - إذ ذاك - يشكل رافدا حقيقيا لسلوكهم . ثانيا : لأنه مهما كان الأمر ، فإن التاريخ ضروري لضبط معايير الشخصية وإحراز العلم بمفاتيحها الحقيقية ولأنه إذا لم يخل من تلوث ، فإنه يتحول إلى رافد لا شعوري لسلوك الإنسان . ولنبدأ قبل كل شئ بقضية أساسية ، لها علاقة مهمة بالتوازن الشخصي وهي قضية الخمر في الجاهلية ، فكما سبق أن أكدنا ، فإن الخمر لم تكن من عادة سادة العرب ، كشأن بني هاشم مثلا ، بقدر ما هي عادة لأذل أحياءها . ولنر كيف أن الخمر تمكنت من الشيخين . وكيف أنهم أبوا الانتهاء عنها حتى