الخلفاء ، كان بلا شك يحاول استغلال جمال التصوير الأدبي لشخصيات وهمية لا تنطق على واقعها التاريخي وكأنه أمام أسطورة من أساطير اليونان ، يحاول إعادة رسم صورتها الأدبية ، فجعل من أبي بكر وعمر وعثمان عباقرة لا تدركهم الألباب ولا تحيط بهم العقول ، ودأب مؤرخون وأدباء مشغوفون بالتصوير الفني للشخصية التاريخية ، أن يجعلوا لهذه الجماعة مميزات وخصائص ترقى بهم إلى مصاف أولي الشأن ممن ينذر لهم نظير من بين جحافل العامة . وكان العقاد في عبقرياته ممن سافر تبعيدا في حبك تلك الصور ، وممن أتقن بفعل نبوغه وثقافته النوعية رسم صورة فنية وضبط مفاتيح لشخصياته . ومما لا شك فيه أن القارئ يمكنه الخروج بمجموعة أوصاف ومميزات تكرست في مؤلفات العقاد حول الشيخين وعثمان ، وسوف نبينها في المخطط التالي : أبو بكر : . صدقه ( الصديق ) - التقوى والورع - التفقه في الدين والعلم الغزير . عمر : التمسك الشديد بأحكام الدين . العدل . شجاعته في دحر الباطل . عثمان : سخاءه وعطاه - تقواه وزهده - حياءه المتميز . هذه باختصار مميزات عبقريات العقاد . وهي مما كرسته المدرسة الأموية في سبيل تكثيف مميزاتهم لحجب قيمة الإمام علي ( ع ) وأهل البيت ( ع ) ولا شك ، ونحن نعالج موضوعنا ، إن مميزات عباقرة العقاد ، تتجاوز في سموها وعظمتها تلك المميزات التي اعترفوا بها للرسول الأعظم ( ص ) . وسوف يكون منهجنا في كسر هذه الأصنام الوهمية ، هو التركيز على الأساس الذي انبنت عليه عبقرياتهم الموهومة ، لإعادتهم إلى أشكالهم الحقيقية . فالقصد عندنا هو إحقاق وتطهير التاريخ من تزوير المؤرخين ومبالغة الأدباء ، والله مالك أمره .