طرحوني منها . قالوا : أفلا تأمر بهم يا رسول الله إذا جاءك الناس تضرب أعناقهم ، قال : أكره أن تتحدث الناس وتقول أن محمدا قد وضع يده في أصحابه فسماهم لهما ثم قال اكتماهم " ( 19 ) . لقد بلغت خطورة النفاق في المجتمع الإسلامي حدا بات من الضروري معه أن يعمل الرسول ( ص ) على تركيز المهمات الكبرى في يد وزير له ، انتخبته السماء لنصرته وخلافته ، وهو علي بن ابن طالب ( ع ) . لقد كان من الطبيعي أن ينطلق أبو بكر ببراءة ليقرأها على الناس فيما لو كان الأمر في بدايته ، ولكن الأمر يتعلق بقضية كبيرة في مرحلة حرجة . بدأت الرسالة تحدد مواقفها مع الداخل بشكل يثير الاستفهام . فكان لا بد أن يؤدي براءة علي ( ع ) ولو اقتضى الحال أخذها من أبي بكر . وملخص الحادثة أن النبي ( ص ) كان قد أنفذ أبا بكر بسورة براءة إلى مكة . فلما بلغ ذا الحليفة بعث إليه عليا ، فرده ، فرجع أبو بكر إلى النبي ( ص ) فقال : يا رسول الله ، أنزل في شئ ؟ قال : لا ، ولكن جبرائيل جاءني وقال : لا يؤدي عنك إلا أنت ، أو رجل منك ، ( 10 ) . وفي تلك الظروف ، اقتفى الاحتياط وضبط المهمات من الرسول ( ص ) أن يبقي يوم تبوك عليا بالمدينة على أهله ، وذلك بعد أن كان الرسول ( ص ) يبقي فيها في مغازيه الأولى بعض الضعاف من غير ذوي الأهلية ، أمثال ابن أم مكتوم الضرير ، غير أن الظروف قد تغيرت بعد الفتح ، وأصبحت المدينة مكتظة بالعناصر المنافقة ، وكان من الضروري الابقاء على رجل ذي خبرة وبأس شديد . لهذا السبب أبقى الرسول ( ص ) عليا ( ع ) وخلفه في المدينة ، وزهد في وجوده
( 9 ) ذكره أبو بكر البيهقي في دلائل النبوة عن عدوة . ( 10 ) رواه الطبري في تفسير لآية براءة ، والحاكم في مستدرك الصحيحين 3 / 51 وكذا رواه أحمد والترمذي في المسند والصحيح .