وكيف رد على عمر ، وكيف أن الرسول ( ص ) غضب لذلك وطلب منهم الخروج ، والحال كان يجسد قرينة على امتناع عمر عن الاستجابة لطلب الرسول ( ص ) وليس قرينة على أنه لم يدل على الوصية لعدم وقوعه ، فعدم وقوع الوصية يوم الخميس هو قرينة على حقيقة الاغتصاب ، لا على عدم الوصية ، وقد سبق أن حللنا المسألة . وبعدها لم يجد ابن خلدون في نفسه حرجا مما أقدم عليه من اتهام لشخص الإمام علي ( ع ) في أنه امتنع عن الاستجابة للعباس حرصا على طلب الخلافة وهو أمر يكفي رده بما سبق أن ذكرناه ، ولا أدل على ذلك من موقف الإمام علي ( ع ) فلو كان الأمر كذلك ، إذن لما جرى له من صراع مع الخلفاء ولما حارب من أجل استرداد ما رآه حقا مغتصبا . وهذا لعمري ، هو عين التحريف ، وقلب الحقائق على خياشيمها . يزيد ابن خلدون كلامه ، بهذه العبارة التي تلخص نظريته المتداعية حول الإمامة : " وشبهة الإمامية في ذلك إنما في كون الإمامة من أركان الدين كما يزعمون وليس كذلك ، وإنما هي من المصالح العامة المفوضة إلى نظر الخلق . ولو كانت من أركان الدين لكان شأنها شأن الصلاة ، ولكان يستخلف فيها كما استخلف أبا بكر في الصلاة ، ولكان يشتهر كما اشتهر أمر الصلاة [142] " . ولعل الشبهة التي دفعت ابن خلدون إلى جمع ما شذ من أخبار في تصويب تيار الغلبة هو اعتبار الإمامة أمرا ثانويا متروكا للمصلحة وحتمية الغلبة ، وهي الشبهة أيضا التي أكبت ابن خلدون على وجهه ليلعق طرق التدليس والتلبيس على صحون التصويب والأقيسة الرديئة ! . لقد قاس الإمامة على الصلاة ، واعتبر الأولى أقل شأنا من الثانية ، متناسيا أن لا قيمة للصلاة إذا لم تكن على أساس من الولاية ، مما يقيم صرح كل العبادات ،