الفسوق ، ما حجتنا عند الله [117] " . وذكر الطبري [118] أن معاوية أرسل إلى عبد الله ابن عمر مائة ألف درهم فقبلها فلما ذكر البيعة ليزيد ، قال ابن عمر : هذا أراد ؟ إن ديني إذن علي لرخيص . وفي هذا بيان شافي لما انتحله ابن خلدون من فرار بن عمر كان ورعا منه . فهل ورعه هو الذي جعله يرفض الدخول في مثل هذا الأمر ، أم أن المسألة قد تكون على جانب من الصواب إذا ابتنيناها على الأساس الدنيوي والمصلحي للخلافة ، كما اعتقد ابن خلدون . لقد اعتمد معاوية أسلوبين في إجبار الناس على البيعة ، الأسلوب الأول يكمن في شراء الأصوات بالمال ، كما ذكر ابن الأثير ، إن المغيرة أوفد مع ابنه موسى عشرة ممن يثق بهم من شيعة بني أمية ، وأعطاهم ثلاثين ألف درهم ، فقدموا عليه ، وزينوا له بيعة يزيد ، فقال معاوية : لا تعجلوا بذا ، وكونوا على رأيكم ؟ ثم قال لموسى سرا : بكم اشترى أبوك من هؤلاء دينهم ؟ قال : بثلاثين ألفا ، قال : لقد هان عليهم دينهم . ومنها أيضا ما سبق أن ذكرناه في حق بن عمر عندما بعث إليه معاوية بالمال لقاء البيعة ، وبهذا الأسلوب يكون معاوية قد بنى ملكه على حساب الدين ، ولم يبق أي مصلحة في ما رآه معاوية ، إنه يدرك قبلا ، م أن الدين عائق لبيعة ابنه يجب أن يشترى بالمال . أما الأسلوب الثاني ، فهو الاكراه والتهديد ، وهذا ما اشتبه المؤرخون من أن معاوية كان يهدد من خالف البيعة ويجزل عطاء من بايع [119] . يقول ابن الأثير : " وكان معاوية يعطي المقارب ويداري المباعد ويلطف به حتى استوثق له الناس وبايعه [120] " .
[117] تاريخ اليعقوبي . [118] تاريخ الطبري وابن الأثير . [119] العقد الفريد لابن عبد ربه . [120] تاريخ ابن الأثير .