كربلا . . . نموذجا آخرا لو كانت أحداث كربلاء وحدها لكفت في فضح حقيقة الكفر الأموي ، ولأبانت عن طبيعة النفاق الذي بقي ردحا من الزمن يتفاعل داخل نفوس بني أمية يترقب لحظة الانتصار ، ليعبر عن قسوته وخشونته ضد البيت العلوي . . ولم يعد بعد واقعة كربلاء ما من شأنه أن يضبب الرؤية ، ويعتم الطريق . . فالدماء التي أهرقت في الطف كافية لإعطاء صورة حقيقية لمن شاء أن يعتبر . . ولم يبق بعد ذلك من شك في الأمر إلا عند من طبع الله على قلبه ، وأرداه في غواية النواصب وتجار الخلافة . وإن ابن خلدون لممن حبا على الدرب يؤسس للظلم تاريخا مزيفا . . ويضع قواعد لتسويغ تراث الأمويين والعباسيين . . ولو كانت كربلاء مما جاء بالنصر الدنيوي للإمام الحسين ( ع ) لما كان ابن خلدون تخلف عن مدحه وملكه ، والتعريض بإعداءه . . إنها عقلية " التلال " و " الصلاة مع من غلب " أولم يقلها رجل ليس من ملتنا . . بأنه شخصية وقحة ، لا تعرف إلا حقوق القوة ، ولا تدرك غير الطغيان ! ! إي والله ، إنه الصواب ! . ولأن واقعة كربلاء ، نمت عن مقتل الحسين ، وهزيمة جماعته وزوال آخر منافس من آل البيت ( ع ) تبنى العنف المقدس في كبح جماح الباطل . . فإن ابن خلدون رأى من الحق أن ينتصر ليزيد ، ويخطئ الحسين ( ع ) بصورة يأباها العقل السليم وتمجها الفطر النقية .