ابن خلدون . . ومعاوية بن أبي سفيان ! لا أحد من المؤرخين يشك في درجة انحراف معاوية بن أبي سفيان . . وفي تلك الطعون التي أحصاها عليه المؤرخون . . وكثيرا منهم اتهمه في الدين وحكم بفسقه . . وكيف لا يفسق من قاتل عليا ( ع ) وقتل عمارا ، وحجرا . . وخنق الأمة بسياسة بني هند وأبناء العاص ، بعد أن حولها إلى ملك عضوض ، وإذا كان الصحابة حسب ما ذكرناه سابقا يعرفون المنافق ببغضه عليا ( ع ) فكيف بمن حاربه وجعل سبه ولعنه سنة لا تتم من دونها الصلاة ولا تقوم بدونها المنابر . وعند بن خلدون كعادته في تبرير السلطة وإخفاء الطعون ، يقول في شأن معاوية : " وقد كان ينبغي أن تلحق دولة معاوية وأخباره بدول الخلفاء وأخبارهم ، فهو تاليهم في الفضل والعدالة والصحبة ، ولا ينظر في ذلك إلى حديث : الخلافة بعدي ثلاثون ، فإنه لم يصح ، - والحق - إن معاوية في عداد الخلفاء " . ورغم إن ابن خلدون يعتقد أن الخلافة في عهده كانت غلبة إلا أنه لم يجد في ذلك ما ينقض حكم الشرع ، " فكان معاوية أول خلفاء المغالبة والعصبية الذين يعبر عنهم أهل الأهواء بالملوك ، ويشبهون بعضهم ببعض ، وحاشا لله أن يشبه معاوية بأحد ممن بعده ، فهو من الخلفاء الراشدين ومن كان تلوه في الدين والفضل من الخلفاء المروانية ممن تلاه في المرتبة كذلك ، وكذلك من بعدهم من خلفاء بني