وإن أبا ذر الغفاري الذي تأله قبل الدعوة . وجاء طوعا يبحث عن الإسلام ، وساهم بكل إخلاص في حروبه كلها . أكان في حاجة إلى يهودي يعلمه الثورة على الظلم . وهل كل ما قام به معاوية لم يكن كافيا لإثارة الوازع الديني في أمثال أبي ذر وعمار . فهل بعد هذا كله يليق بابن خلدون أن يدعي أنه اعتمد على تاريخ فيه البعد عن المطاعن والشبه في كبار الأئمة من خيارهم وعدولهم من الصحابة والتابعين ! ! . ثالثا : إن ابن خلدون وهو يمارس تدليسه هذا على القارئ كان على مقربة من فهم الأمور . فما يعز على محلل العمران ومفكك التاريخ أن تنطلي عليه مثل هذه القضايا إنه يعترف بأن هؤلاء الثوار كانوا على علاقة وثيقة بالإمام علي ( ع ) وهم من سمع رأيه في المرة الأولى فراوحوا الأمصار . وهم الذين بايعون ودعوا لإمامته . وكان جديرا بابن سبأ وهو رمز الدعوة إلى الولاية لعلي ( ع ) وهو الذي علم عمارا القول بالإمامة ، وعلم مثل ذلك لأبي ذر وهو الذي انتقل بين الأمصار المتمردة الكوفة والبصرة ومصر وهي مسقط رأس الوفود لكان إذن جدير أن يتقدم شيعة علي ( ع ) في زمانه ولكان علي ( ع ) قد ولاه فيمن ولاهم على الأمصار ولكان له صيت بعيد وشأن يذكر . لما قدمه من جهود في الدعوة لإمامة علي ( ع ) ولكن التاريخ - المبتذل - لا يجد ما يقوله لنا عن موقع عبد الله ابن سبأ في عهد علي ( ع ) ولا أين كان موقعه يوم اختراق الدار على عثمان . إن التاريخ المبتذل يحتفظ لنا بصورة خفية عنه ، سواء في عهد عثمان أو في عهد علي ( ع ) فهو في كلا العهدين خفي ومتآمر ، فإن كان هناك ما يدعوه في عصر عثمان إلى التستر فماذا يمنعه الآن بعد مقتله ، ولأن كان بقي بمصر . . فأي مانع للأمويين في أن يقتلوه وقد تمكنوا من قتل وليها يومذاك ، ولكان قتلته العثمانية مثلما قتلوا محمد بن أبي بكر . وقد لفق بعض المؤرخين ما حدث من إحراق علي ( ع ) لهم على ما ذهبوا إليه من تأليهه ، ولكنه لم يحرق بن سبأ ، لأن بعضا من أصحابه اعترض عليه ونصحه بتركه ، إن أسطورة الحرق هذه ، لم تكن سوى محاولة في تقريب عبد الله بن سبأ من دائرة الواقع ، غير أنه كان ينفلت من قبضة الواقع ، انفلات