فهذا سلمان كان بالمدائن وهي التي عرفت بعد ذلك بالتشيع الشديد لأهل البيت وذاك عمار بن ياسر بمصر أيام عثمان كان يدعو إلى ولاية الإمام علي ( ع ) . يقول بن خلدون : وكان - أي عمار - يكثر الطعن على عثمان ويدعو في السر لأهل البيت ، ويقول : " إن محمدا يرجع كما يرجع عيسى [88] " . وبقوا على ذلك حتى ورد عثمان حيث كان الظرف مناسبا لإثارة الناس عليه بكل وضوح وحيث إن فترة عثمان عرفت نوعا من التهور بحيث تمكن أنصار علي ( ع ) من تأليب الأمصار عليه . وإنه ليس غريبا أن تتوحد مواقف هؤلاء الأنصار وأن تكون كل حركاتهم بأمر من الإمام علي ( ع ) كيف ذلك وهم يعترفون له بالإمامة ولا يقومون بشئ دون مشورته . ولذلك رأينا كيف أن شيعته بالكوفة والبصرة ومصر هم الذين جاؤوا بالوفود فكان مالك الأشتر على رأس الوفد الكوفي بينما حكيم بن جبلة كان على رأس الوفد البصري ، في حين تزعم الوفد المصري محمد بن أبي بكر وهؤلاء هم أيضا من اقتحم الدار على عثمان ونفذ فيه عملية القتل . ورأينا أن عليا هو الذي كان يتوسط وبيده أمور الصلح وهو الذي رد الوفود بكلمة قالها . وهو الذي سكت حين رجعوا ، فنفذوا حكم القتل في عثمان . ولا عليك من قصة بعث الإمام لابنيه لحراسة عثمان . كيف يبعث ابنيه لصد ثورة عارمة تقف خلفها جماهير جرارة . وهل الحسن والحسين إلى تلك الدرجة من الصغار حتى يأتي أبوهما فيصفعهما لما قتل عثمان . فهل يعقل من أمير المؤمنين وإمام الأمة أن يؤاخذ سيدا شباب أهل الجنة وأئمة المستقبل ، على عدم رد ما لا طاقة لهما به ، ولو كان كما صوروه رافضا لقتل عثمان ، إذن لكان أحرى أن يأتي إلى باب الدار وهو يعرف أن لا منقذ لعثمان من هؤلاء سوى كلمة قد تصدر عنه ، ولما رفض الرجوع إلى عثمان وعدم الاستجابة لنجدته في نهاية المطاف . فكيف يلطم ابنيه وهو يعلم أن هؤلاء من كان ينازع أبا بكر وعمر في عهدهما أمام الناس ويستنزلون من قدرهم . فكان أحرى أن يضربهم على ما فعلوه في الشيخين من قبل . وقد كانوا أصغر من سنهم ذاك . فقد جاء الحسن مرة إلى أبي بكر وهو على منبر رسول الله ( ص ) فقال : انزل عن مجلس