رواسب جاهلية بسبب ما سبق من تكريعه للخمر . وإني لم أقل شيئا لم يثبت في واقع الأمر ، فنسب عمر كما ذكرته كان مما جاء في مثالب النسابة الكلبي وهو من الممدوحين عند العامة وقد مدحه ووثقه بن خلكان ، كما اعتمد رواياته بن خلدون ، وكثير من حفاظ ومؤرخي العامة . وإن وجد من يؤاخذني على تعرضي لما ولده الادمان على الخمر في شخصية عمر . فإن ذلك ليس إسرافا مني لم يسبقني أحد إليه . قلت في الانتقال : " وعلى الرغم من أن الخمر كانت من عادة العرب ، إلا أن التواريخ والسير ، تثبت إن من بين العرب من كان يتورع عنها " وهذا إسراف بدا مني لما بت أحاسب عمر على فعل قام به في الجاهلية . ولكن كان أجدر بمن اعترض على ذلك أن يفهم سياق حديثي ، الذي كان يهدف تحليل شخصية عمر النفسية والاجتماعية . ولعل قولة سبقت من ابن خلدون تعزز ما ادعيناه ، إذ قال : " وقد كانت حالة الأشراف في العرب الجاهلية في اجتناب الخمر معلومة ، ولم يكن الكرم شجرتهم ، وكان شربها مذمة عند الكثير منهم " [1] . وهذا يدل على أن عمر الذي كرعها في جاهليته لم يكن من أشراف العرب ، حسب هذا الزعم . أما الذين اعتبروا كتابي واقعا ضد الوحدة ، وباعثا على الفتنة التاريخية . فماذا أقول لهم ؟ . إن عقلي لم يعد يفهم هذه الفلسفة الوحدوية المجحفة ، ولا ذائقتي بالتي تستسيغ هذه النغمة السياسوية . أي وحدة هذه التي تقوم على مذبحة الحق ؟ ! . وأي فتنة بدأت وانتهت ؟ ! كيف أسكت وأنا أرى مجاميعهم تعقد الجلسات وتؤلف البحوث الطوال في تكفير أهل الولاية ومحاصرة المد العلوي . لنعد فيما نعود إليه إلى طاولة المفاوضات التاريخية وبعقلية نيرة ومنهجية موضوعية . وعلى كل حال فأنا لا أروم الفتنة ولا إعاقة الوحدة . وإذا كانت الفتنة هي أن