وإذا كانت هذه مشكلة من أدرك الصحابة ، وهم قلة فما بالك من بعدما توسعت الدولة الإسلامية وكثرت الفتوحات ، وكثرت الأسئلة عن الحوادث والمتغيرات . فبماذا يجابون ؟ ! ! وهكذا ضاع كثير من الأحاديث والأحكام ، وإلى هذا كانت تهدف المؤامرة ، فقد صرح عمر بذلك في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند وفاته : ( ائتوني بكتف ودواة أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا ) . فقال فمر إنه يهجر ، حسبنا كتاب الله ( 1 ) . فالغاية التي منعت من إحضار الكتف والدواة لرسول الله ليكتب لهم كتابا يمنعهم من الضلالة هي نفسها التي منعتهم عن جمع الأحاديث وكتابتها . فكيف يروى بعد ذلك ( تمسكوا بسنتي ) . ولم يتمسك بها الصحابة ولا الخلفاء ، بل صرحوا بغير ذلك ، كما روى الذهبي في تذكرة الحفاظ قال : إن الصديق جمع الناس بعد وفاة نبيهم بعدكم أشد اختلافا ، فلا تحدثوا عن رسول الله شيئا ، فمن سألكم فقولوا : بيننا وبينكم كتاب الله ، فاستحلوا حلاله ، وحرموا حرامه ( 2 ) . ( إن الشيء الطبيعي أن لا يفرض أي مصدر تشريعي على الأمة ما لم يكن مدونا ومحدد المفاهيم ، أو يكون هناك مسؤول عنه يكون هو المرجع
1 - البخاري ، كتاب العلم ، ج 1 ص 30 2 - أضواء على السنة المحمدية ، محمد أبو رية ص 53 .