ثم واصل المسيرة من بعده معاوية بن أبي سفيان ، قائلاً : ( يا ناس أقلوا الرواية عن رسول الله وإن كنم تتحدثون فتحدثوا بما كان يُتحدث به عمر ) ( 1 ) . وبذلك أصبح ترك كتابة الأحاديث سنة متبعة ، وعدت كتابتها شيئاً منكراً . ولم يكن هذا الكبت والتضليل الإعلامي الذي مارسته السلطات الحاكمة على كتابة الحديث إلا من أجل كتم فضائل أهل البيت والحيلولة دون انتشارها . هذا هو السبب الذي لا يرضاه الكثيرون ، ولكن هو الواقع المرير الذي يصطدم به المتتبع في التاريخ والدارس لأحداثه . وبعد ذلك أي سنة أمر رسول الله ( ص ) بإتباعها ؟ ! . هل هي ما محاه عمر أم ما أحرقه أبو بكر ؟ ! . ولو كان هناك أمر باتباع السنة . فلماذا لا ينصاع له الخلفاء الراشدون ، فيكثروا من روايتها ويحرصوا على كتابتها ؟ ! . فماذا يصنع من يريد التمسك ( بالسنة ) من بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ ! . فلنفترض أنه عاشر الصحابة ، أيظل يبحث عن جميع الصحابة ليأخذ منهم سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفيهم الولاة والحكام ، والقواد والجنود في الثغور ؟ ! . أيبحث عنهم جميعا ليسألهم عن طبيعة ما يريد التعرف عليه من أحكام ، أم يكتفي بالرجوع إلى الموجودين ، وهو لا يجزئه لاحتمال صدور الناسخ أو المقيد أو المخصص بحضور واحد أو اثنين ممن ليسوا بالمدينة ؟ والحجية - كما يقول ابن حزم - : لا تتقوم إلا بهم .