وقوله ( ع ) : ( توحيده تمييزه من خلقه ) مطلق يفيد أنه سبحانه ممتاز عن خلقه بالحقيقة في جميع شؤونه لا مشاركة بينه وبين خلقه بوجه من الوجوه ، وقوله ( ع ) : ( حكم التمييز بينونة صفة لا بينونة عزلة ) تصريح بهذا الإطلاق لأن المباينة الصفتية هي أن كل صفة وحكم يجري على الله تعالى ، لا يجري ولا يطلق على ما سواه من الخلق بما له من المعنى الشخصي ، وكذلك كل نعت وتقديس يمجد ويقدس تعالى به لا يطلق على من سواه بما له من معنى ( 1 ) . وجاء في خطبة الإمام الرضا ( ع ) في مجلس المأمون : أول عبادة الله معرفته ، وأصل معرفة الله توحيده ، ونظام توحيده الله نفي الصفات عنه بشهادة العقول أن كل صفةٍ وموصوفٍ مخلوق وشهادة كل مخلوق أن له خالقاً ليس بصفة ولا موصوف ، وشهادة كل صفة وموصوف بالاقتران ، وشهادة الاقتران بالحدث وشهادة الحدث بالامتناع من الأزل الممتنع من الحدث ، فليس الله عرف من عرف بالتشبيه ذاته ، ولا إياه وحد من اكتنهه ولا حقيقته أصاب من مثله ، ولا به صدق من نهاه ، ولا صمد صمده من أشار إليه ، ولا إياه عنى من شبهه ، ولا له تذلل من بعضه ، ولا إياه أراد من توهمه ، كل معروف بنفسه مصنوع وكل قائم في سواه معلول ، بصنع الله يستدل عليه ، وبالعقول يعتقد معرفته ، وبالفطرة تثبت حجته ، خلق الله الخلق حجاب بينه وبينهم ومباينته إياهم مفارقته إنيتهم ، وابتداؤه إياهم دليلهم على أن لا ابتداء له لعجز كل مبتدإ عن ابتداء غيره ، وأدوه إياهم دليل على أن لا أداة فيه لشهادة الأدوات بفاقة المتأدين وأسماؤه تعبير وأفعاله تفهيم ، وذاته حقيقة ، وكنهه تفريق بينه وبين خلقه ، وغبره تحديد لما سواه فقد جهل الله من استوصفه وقد تعداه من استمثله وقد أخطأه من اكتنهه ، ومن قال : كيف
1 - توحيد الإمامية ، آية الله الشيخ محمد باقر الملكي ص 204 .