وقد اختار الأشعري من بين هذه المعاني معنى ( الرؤية ) ، لعدم صحة بقية المعاني فأما الأولى ( الاعتبار ) فدار الآخرة ليست جار اعتبار بل جزاء ، وليس بمعنى ( الانتظار ) لأنها علقت على الوجه ، كما أن الانتظار فيه مشقة لا يناسب أهل الجنة . أما معنى ( الرحمة ) فبعيد ، لعدم جواز تعطف الخلق على الخالق كما هو واضح ثم عضد اختيار الرؤية بقرينة من لسان العرب ، وهي أن النظر بمعنى الرؤية يرتبط ب ( إلى ) ولا تقول العرب في النظر بمعنى الانتظار باستخدام ( إلى ) ( ما ينظرون إلا صيحة واحدة ) فلما أراد الانتظار لم يقل ( إلى ) فلما قال عز وجل ( إلى ربها ناظرة ) علمنا أنه لم يرد الانتظار ، وإنما أراد نظر الرؤية ، ولما قرن الله النظر بذكر الوجه أراد نظر العينين اللتين في الوجه . واستدل أيضاً بأن النظر في هذه الآية لا يمكن أن يكون نظر الانتظار لأن الانتظار معه تنقيص وتكدير وذلك لا يكون يوم القيامة ، لأن الجنة دار نعيم وليست دار ثواب أو عقاب ( 1 ) . ويلاحظ عليه : 1 - أما قوله كلمة النظر إذا كانت بمعنى الرؤية تعدت بالحرف إلى وإذا كانت بمعنى الانتظار تعدى بنفسها ، يجاب بأن ( ناظرة ) اسم فاعل ، وهو في عمله فرع الفعل ، والفرعية تسبب ضعف العامل فيفتقر إلى ما يقويه ، كما أن المعمول هنا مقدم ، والتقديم سبب آخر لضعف العامل ومن هنا عدي ب ( إلى ) . كما أن تعديته ب ( إلى ) مستعملة في كلام العرب ، كما في قول جميل بن معمر :