قلت : فالله واحد والإنسان واحد ، فليس قد تشابهت الوحدانية ؟ قال : أحلت ثبتك الله إنما التشبيه في المعاني فأما في الأسماء فهي واحدة وهي دلالة على المسمى ، وذلك أن الإنسان وإن قيل واحد فإنه يخبر أنه جثة واحدة وليس باثنين ، والإنسان نفسه ليس بواحد ، لأن أعضاءه مختلفة وألوانه مختلفة غير واحدة ، وهو أجزاء مجزأة ليس سواء دمه غير لحمه ، ولحمه غير دمه ، وعصبه غير عروقه ، وشعره غير بشره ، وسواده غير بياضه ، وكذلك سائر جميع الخلق ، فالإنسان واحد في الاسم ، لا واحد في المعنى والله جل جلاله واحد لا واحد غيره ، ولا اختلاف فيه ولا تفاوت ولا زيادة ولا نقصان ، فأما الإنسان المخلوق المصنوع المؤلف فمن أجزاء مختلفة وجواهر شتى غي أنه الاجتماع شيء واحد . قلت : فرجت عني فرج الله عنك ، غير أنك قلت : السميع البصير ، سميع بالاذن وبصير بالعين ؟ فقال : إنه يسمع بما يبصر ، ويرى بما يسمع ، بصير لا بعين مثل عين المخلوقين ، وسميع لا بمثل سمع السامعين ، لكن لما لم يخف عليه خافية من أثر الذرة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلمات تحت الثرى والبحار قلنا : بصير ، لا بمثل عين المخلوقين ، ولما لم يشتبه عليه ضروب اللغات ولم يشغله سمع عن سمع قلنا : سميع ، لا بمثل سمع السامعين . . ) ( 1 ) .