بمعانيها المتعارفة هو عين التجسيم والتشبيه ، والاعتذار بقولهم : بلا كيف لا يتعدى أن يكون لقلقة لسان . وأذكر يوماً كنت أناقش أحد أساتذتي في الجماعة حول أستواء الله على العرش ، وعندما ضاق بي ذرعاً قال : نحن نقول ما قاله السلف : ( الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والسؤال عنه بدعة ) . قلت له : لم تزد في الأمر إلا إبهاماً ، وفسرت الماء بعد الجهد بالماء . قال : كيف - وقد احتد النقاش . قلت : إذا كان الاستواء معلوماً ، فالكيف أيضاً معلوم . وإذا كان الكيف مجهولاً ، فكذلك الاستواء مجهول ولا ينفصل عنه ، فالعلم بالاستواء هو عين العلم بالكيفية ، والعقل لا يفرق بين وصف الشيء وبين كيفيته ، لأنهما شيء واحد . فإذا قلت فلان جالس ، فعلمك بجلوسه هو علمك بكيفيته فأنت عندما تقول الاستواء معلوم فنفس العلم بالاستواء هو العلم بالكيفية وغلا يكون في كلامك تناقض ، بل هو التناقض بذاته . فتكون عالماً بالاستواء وفي نفس الوقت غير عالم بالكيفية . . . فسكت مدة ولم يحر جواباً ، ثم اعتذر أنه على عجل واستأذن وذهب . فكل ما يقولونه من عدم الكيف مع إجراء المعاني الحقيقية للألفاظ هو تناقض وتهافت ، وكذلك قولهم أن لله يداً حقيقية ، لكن لا كالأيدي كلام ينقض آخره أوله والعكس ، لأن اليد بالمعنى الحقيقية لها تلك الكيفية المعلومة ، ونفي الكيفية منها هو حذف لحقيتها . وإذا كانت هذه الألفاظ الجوفاء تكفي لإثبات التنزيه لله عز وجل فيمكن أن يقال ، إن لله جسماً بلا كيف ولا كالأجسام وله دم بلا كيف ولحم وشعر . . بلا كيف .