يا هشام : نصب الحق لطاعة الله ولا نجاة إلا بالطاعة ، والطاعة بالعلم والعلم بالتعلم بالعقل ولا علم غلا من عالم رباني ، ومعرفة العلم بالعقل . يا هشام : قليل العمل من العالم مقبول مضاعف ، وكثير العمل من أهل الهوى والجهل مردود . يا هشام : إن العاقل رضي بالدون من الدنيا مع الحكمة ولم يرض بالدون من الحكمة مع الدنيا ، فلذلك ربحت تجارتهم . يا هشام : إن العقلاء تركوا فضول الدنيا ، فكيف الذنوب ، ترك الدنيا من الفضل وترك الذنوب من الفرض . يا هشام : إن العاقل نظر إلى الدنيا وإلى أهلها فعلم أنها لا تنال إلا بالمشقة ، ونظر إلى الآخرة فعلم أنها لا تنال إلا بالمشقة ، فطلب بالمشقة أبقاهما . يا هشام : إن العقلاء زهدوا في الدنيا ورغبوا في الآخرة ورغبوا في الآخرة ، لأنهم علموا أن الدنيا طالبة مطلوبة والآخرة طالبة مطلوبة . فمن طلب الآخرة ، طلبته الدنيا ، حتى يستوفي منها رزقه ، ومن طلب الدنيا طلبته الآخرة فيأتيه الموت ، فيفسد عليه دنياه وآخرته . يا هشام : من أراد الغنى بلا مال ، وراحة القلب من الحسد والسلامة في الدين : فليتضرع على الله عز وجل في مسألته بأن يكمل عقله فمن عقل قنع بما يكفيه ومن قنع بما يكفيه استغنى ، ومن لم يقنع بما يكفيه لم يدرك الغنى أبداً . يا هشام : إن الله حكى عن قوم صالحين أنهم قالوا : ( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد غذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة ) آل عمران / 8 .