تفكير لإعادة وحدة المسلمين لا بد أن يبدأ من توحيد قواعد الفكر وإثبات طرق البرهان ، فمثلاً : انظر إلى هذا الاختلاف الذي نتج عن التباين في أسس التفكير ، ففي موضوع أفعال العباد ، قالت المعتزلة : إن الإنسان خالق لأفعاله ، وإلا يكون مخالفاً هذا للعقل على حد زعمهم . فضربت لذلك بكل الروايات التي تخالف هذا المعنى عرض الحائط ، وفي الاتجاه المقابل نجد الحنابلة وصلوا إلى نتائج بأن أفعال الإنسان ليست بإرادته ، وإنما بإرادة الله ، فالإنسان مجبور على أفعاله ، وتمسكوا لإثبات ذلك بظواهر الآيات والأحاديث ولم يعطوا للعقل أهمية . يقول أحمد بن حنبل في رسالته : ( . . . . والزنا والسرقة ، وشرب الخمر ، وقتل النفس ، وأكمل المال الحرام ، والشرك بالله عز وجل ، والذنوب والعاصي ، كلها بقضاء وقدر من الله عز وجل ) ( 1 ) . روايات في ضرورة العقل : وإذا نظرنا إلى حقيقة الأمر نجد أن كلاً من الأشاعرة والحنابلة والمعتزلة لم يتعرفوا على حقيقة العقل ، ولكي نعرف هذه الحقيقة لا بد أن نطلع أولاً على بعض روايات أهل البيت ( ع ) ، لنعرف أهمية العقل ومكانته . عن أبي جعفر ( ع ) الإمام محمد الباقر قالك لما خلق الله العقل قال له : أقبل فأقبل ، ثم قال له : أدبر فأدبر ، فقال : وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً أحسن منك إياك آمر وإياك أنهى ، وإياك أثيب وإياك أعاقب ) ( 2 ) . جاء في وصية الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام ، لهشام بن الحكم ، في حديث طويل أحببنا نقله بالكامل لإتمام الفائدة :
1 - الملل والنحل للشهرستاني ج 1 ص 164 . 2 - مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول ج 1 ص 84 .