قال يوحنّا : فقاموا وتفرّقوا وسكتوا أسبوعاً لا يخرجون من بيوتهم ، فإذا خرجوا أنكر الناس عليهم ، ثم بعد أيام اصطلحوا واجتمعوا في المستنصرية فجلست غداة إليهم وفاوضتهم فكان فيما جرى أن قلت لهم : كنت أريد علاماً من علماء الرافضة نناظره في مذهبه ، فهل عليكم أن تأتونا بواحد منهم فنبحث معه ؟ فقال العلماء : يا يوحنا ، الرافضة فرقة قليلة لا يستطيعون أن يتظاهروا بين المسلمين لقلتهم ، وكثرة مخالفيهم ، ولا يتظاهرون فضلاً أن يستطيعوا المحاجة عندنا على مذهبهم ، فهم الأرذلون الأقلون ، ومخالفوهم الأكثرون ، فقال يوحنا : فهذا مدح لهم لأن الله سبحانه وتعالى مدح القليل ، وذم الكثير بقوله : ( وقليل من عبادي الشكور ) ( 1 ) ( وما آمن معه إلا قليل ) ( 2 ) ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) ( 3 ) ( ولا تجد أكثرهم شاكرين ) ( 4 ) ( ولكن أكثر الناس لا يشكرون ) ( 5 ) ( ولكن أكثرهم لا يعلمون ) ( 6 ) ( ولكن أكثر الناس لا يؤمنون ) ( 7 ) إلى غير ذلك من الآيات . قال العلماء : يا يوحنا حالهم أعظم من أن يوصف ، لأننا لو علمنا بأحد منهم فلا نزال نتربص به حتى نقتله ، لأنهم عندنا كفرة تحل علينا دماؤهم ، وفي علمائنا من يفتي بحل أموالهم ونسائهم .
1 - سورة سبأ : الآية 13 . 2 - سورة هود : الآية 40 . 3 - سورة الأنعام : الآية 16 . 4 - سورة الأعراف : الآية 17 . 5 - سورة البقرة : الآية 343 . 6 - سورة الأنعام : الآية 37 . 7 - سورة الرعد : الآية 1 .