كانت في الروم عقداً شرعيّاً ، ثمّ أتاها بعد سنين فوجدها حاملاً وبين يديها صبيان يمشون ويقول لها : ما هؤلاء ؟ وتقول له : أولادك فيرافعها في ذلك إلى القاضي الحنفي فيحكم أن الأولاد من صلبه ، ويلحقونه ظاهراّ وباطناّ ، يرثهم ويرثونه ، فيقول ذلك الرجل : وكيف هذا ولم أقربها قطّ ؟ فيقول القاضي : يحتمل أنّك أجنبت أو أن تكون أمنيت فطار منيك في قطعة فوقعت في فرج هذه المرأة ( 1 ) ، هل هذا يا حنفي مطابق للكتاب والسنة ؟ قال الحنفي : نعم إنمّا يلحق به لأنها فراشه والفراش يلحق ويلتحق بالعقد ولا يشترط فيه الوطي ، وقال النبي - ( ص ) - ( الولد للفراش وللعاهر الحجر ) فمنع الشافعي أن يصير فراشاً بدون الوطي ، وغلب الشافعي النفي بالحجّة . ثمّ قال الشافعي : وقال أبو حنيفة : لو أنّ امرأة زُفّت إلى زوجها فعشقها رجل فادّعى عند قاضي الحنفيّة أنه عقد عليها قبل الرجل الذي زُفّت إليه ، وأرشى المدّعي فاسقين حتى شهدا له كذباً بدعواه ، فحكم القاضي له تحرم على زوجها الأول ظاهراً وباطناً وتثبت زوجية تلك المرأة للثاني وأنها تحل عليه ظاهراً وباطناً ، وتحل منها على الشهود الذين تعمدوا الكذب في الشهادة ( 2 ) ! فانظروا أيها الناس هل هذا مذهب من عرف قواعد الإسلام ؟ قال الحنفي : لا اعترضا لك ، عندنا أن حكم القاضي ينفذ ظاهراً وباطناً وهذا متفرع عليه ، فخصمه الشافعي ومنع أن ينفذ حكم القاضي ظاهراً وباطناً بقوله تعالى ( وأن احكم بما أنزل الله ) ( 3 ) ولم ينزل الله ذلك .
1 - انظر : الفقه على المذاهب الأربعة ج 4 ص 14 - 15 . 2 - انظر : الأم للشافعي ج 5 ص 22 - 25 . 3 - سورة المائدة : الآية 49 .