المجموعة الفقهية التي نسبت إلى أحمد مختلفة متضاربة ، بالإضافة إلى اختلافهم في تفسير من بعض الكلمات التي لا يفهم منها الحكم الشرعي في المسألة مثل قوله : ( لا ينبغي ) . فهل هي تحمل على الحرمة أو الكراهة ، وكذلك قوله : يعجبني أو لا يعجبني . . . أو أكره ، أو لا أحب . كما أن أحمد نفسه لم يدّع أنه من أهل الفقه والفقاهة ، بل كان يتحرز من الفتيا ويفر منها . قال الخطيب بإسناده : ( كنت عند أحمد بن حنبل ، فسأله رجل عن مسألة في الحلال والحرام ، فقال له أحمد : سل عافاك الله غيرنا ، قال : إنما نريد جوابك يا أبا عبد الله ، قال : سل عافاك الله غيرنا ، سل الفقهاء ، سل أبا ثور ) ( 1 ) . فلا يحسب نفسه بذلك من الفقهاء . وقال المروزي : سمعت أحمد يقول : أما الحديث فقد استرحنا منه وأما المسائل فقد عزمت إن سألني أحد عن شيء أنا لا أجيب ( 2 ) . وذكر الخطيب بالإسناد أنه قدم أحمد بن حرب ( الزاهد النيسابوري ) من مكة ، فقال لي أحمد بن حنبل : من هذا الخراساني الذي قدم ؟ قلت : من زهده كذا وكذا . فقال : لا ينبغي لمن يدعي ما يدعيه - يعني الزهد - أن يدخل نفسه بالفتيا ( 3 ) . . . فهذا هو ديدنه لا يتدخل في الفتيا ، بل يراها لا تنسجم مع الزهد . فكيف يكون لمثل هذا فقه أو مذهب يُقلد في الأمور العبادية ؟ ! . وقال أبو بكر الأشرم - تلميذ أحمد بن حنبل - : كنت أحفظ الفقه والاختلاف فلما صحبت أحمد تركت كل ذلك .
1 - تاريخ بغداد ، ج 2 ص 66 . 2 - مناقب أحمد ص 75 . 3 - تاريخ بغداد ج 4 ص 119 .