جوف مكة حافياً راجلاً أهون عليّ من المشي إلى باب مالك ، فلست أرى الذلة حتى أقف على باب داره ( 1 ) . وعندما جاء المهدي بعد المنصور عظُمت مكانة مالك وازداد قرباً إلى السلطة ، فكان المهدي يجله ويحترمه ويصله بهدايا جزيلة ، وعطاء وافر ، ويظهر للناس شأنه وعلو منزلته وعندما جاء الرشيد لم يغير في الموازين فاحتفظ بمالك بمكانة وعظمة غاية التعظيم ، فوقعت هيبة مالك في النفوس . هكذا السياسة . ترفع من تريد أن ترفعهن وتنسي ذكر من تريد له ذلك . وبعد ذلك ما هو المانع الذي يحول بين مذهب مالك من الانتشار بعد أن أصبح رضاً للدولة ؟ ! . لك الله يا سيدي ، جعفر بن محمد الصادق ( ع ) . يعرفون أن الحق لك وعندك ، ولا تجوز الإمامة لغيرك . أو لم يقل مالك : ( ما رأت عين ولا سمعت أذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر الصادق ، فضلاً وعلماً وعبادة وورعاً ) ( 2 ) . ومع ظهور فضله ، لم يلق ( ع ) وشيعته إلا الضغط والإرهاب والقتل والتشريد ، والذي يشهد به تاريخ الشيعة من وفاة رسول الله ( ص ) وطوال تاريخهم . ولكني أتساءل ، كما يتساءل صاحب كتاب ( الإمام الصادق معلم الإنسان ) ، عندما قال : ( إنني لا أتساءل لماذا ظل المسلمون ممزقين إلى سنة وشيعة ، لا : وإنما أتساءل بدهشة : كيف استطاع الشيعة الصمود حتى اليوم ، رغم كل الظروف القاهرة العصيبة ، التي مروا بها في ظل الإرهاب
1 - معجم الأدباء ج 11 ص 275 . 2 - ابن شهرآشوب ، مناقب الإمام الصادق - الإمام الصادق معلم الإنسان ص 24 .