وكان في قبال هذه المدارس ، مدرسة الإمام الصادق ( ع ) التي كانت تضج بالعلماء الوفود من مختلف أنحاء العالم الإسلامي ، الذين كانوا يتحينون الفرص للقاء أئمة أهل البيت ( ع ) وكان الصادق ( ع ) ، أقلهم مضايقة من قبل السلطات . وقد انتمى مالك إلى مدرسته مدة من الزمن وأخذ عنه الحديث ، فيعتبر من أكبر شيوخ مالك ، ثم تتلمذ مالك على يد عدد من المشايخ ، أمثال : عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام ، وزيد بن أسلم ، وسعيد المقبري وأبي حازم ، وصفوان بن سليم ، وغيرهم ، وقد اختص مالك بملازمة والأخذ من وهب بن هرمز ، نافع مولى بن عمر ، وابن شهاب الزهري ، وربيعة الرأي ، وأبو الزناد ، وقد تقدم مالك حتى تزعم مدرسة الحديث ، ولكن سرعان ما تدخلت السياسة ، لكي تنتصر لمدرسة الرأي ، وتسخط على أهل الحديث ولذلك كان مالك بن أنس عرضة لضغوط الدولة حتى منعوه من الحديث وضُرب بالسياط لأجل فتوى أفتاها لم توافق هوى الدولة ، وذلك في زمن ولاية جعفر بن سليمان سنة 146 ه فإنه تجرد مالكاً ومده وضربه بالسياط حتى انخلعت كتفاه . قال إبراهيم بن حمّاد : كنت أنظر إلى مالك إذا أقيم من مجلسه حمل يده اليمنى أو يده اليسرى بالأخرى . ومن الغريب والمثير جداً أنه بعد زمن قليل أصبح مالك مقدماً في الدولة ، منوطاً بالعناية ، وصل إلى مرحلة كان يتهيب منه الأمراء ، فالسؤال الذي يطرح نفسه أي شيء حصل عند مالك حتى ترضى عنه الدولة وترفعه هذه المكانة ؟ فهل كانت الدولة تبغضه لرأي معين تنازل عنه مالك ؟ أم ثبت على ما يراه وتحملته الدولة وتنازلت له ؟ أم هناك شيء آخر ؟