قبل الإجابة على هذه الأسئلة لا بد من ذكر مقدمتين هامتين : أولاً : سبب النزول : ذكر أصحاب التفاسير أن سبب نزول هذه الآية كانت الهزيمة التي لحقت بالمسلمين بعد معركة أحد حيث أشاع المشركون أن رسول الله ( ص ) قتل في المعركة مما سبب حالة من الانهزام والتراجع والتشكيك عند بعض المسلمين . فأنزل الله تعالى هذه الآية معاتباً المسلمين على ذلك . ثانياً : ما هو الأصل في الآيات ؟ هل الأصل في الآيات القرآنية أنها صالحة لكل زمان إلا ما خرج بدليل ؟ أو العكس . والمقصود بذلك أنها لو كانت صالحة لكل زمان فإننا نستطيع تعميم معنى الآية إلى غير زمان سبب نزولها ، وإلا فإننا نتقيد بالسبب الذي نزلت فيه الآية ، وشمولها إلى زمان غير زمانها هو الذي يحتاج إلى دليل . اتفق علماء المسلمين سنة وشيعة أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب . إذ لو كان الأصل عدم جريان الآيات القرآنية في كل زمان لبطل العمل بالقرآن في الأزمنة التالية أو لتركنا معظم الآيات القرآنية في زاوية الجمود وعدم الصلاحية ، وهذا لا يتماشى مع روح الإسلام ونهجه وتعاليمه وعموميته . هذا هو الدليل العقلي ، ويؤيده من القرآن الكريم ، جل الآيات التي تحث على التدبر والعمل بالقرآن الكريم وتوبخ على فعل العكس . ولو سمحنا للرأي الثاني لما كان معنى لقوله ( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون ) إذ الآية تشير لمطلق القرآن ولم تخصصه بجزء يسير أو ببعضه بل كل الآيات نحاول أن نفهمها وننصت لها ونستخرج العبرة منها ، كما أن الله أمرنا بالتدبر فيه ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) .