له حياء ولا خلق ولا دين . ولكي تزداد يقيناً ارجع بعقارب ساعتك عبر مصادر التاريخ 14 قرناً وتوقف قليلاً عند الأمويين والعباسيين الذي تسلطوا على رقاب الناس حقباً من الزمن ، لكي تتعرف على أمرائهم وحكامهم وكيف كانوا يتجاهرون بشرب الخمر وكيف كانوا يلاعبون الكلاب والقرود بعدما يكسونها من صافي الحرير والذهب ، وغير ذلك من فضائح الحكام التي يستحي القلم أن يخطها بين السطور . وهذا مما يدلل على مساوئ الاختيار ، وعقم النظرية من أساسها ، لان من نختاره اليوم قد ننقم عليه غداً ، ثم لا نقدر على عزله بعد توليته ، وقد حاول المسلمون جهدهم عزل عثمان فأبى قائلاً : ( لا أنزع قميصاً قمصنيه الله ) . وبعدما أثبتنا بُعد الدليلين اللذين استدلت بها الطائفة الأولى ، التي اعتمدت الشورى كمبدأ سياسي في اختيار الخليفة لإدارة أمور المسلمين بعد رسول الله ( ص ) وتبين لنا بعدهما عن مقام القيادة والخلافة . نرجع ونغض أعيننا ونتجاهل إلى حد الغفلة ونسلم بحجية هذين الدليلين في موضوع الخلافة والقيادة ، فهل يشفي ذلك التجاهل والتغافل والتسليم سقم هذه النظرية التي يواجهها ( الغموض التشريعي ) في كل ما يتعلق بالأطر والأساليب التنفيذية لمضمونها ؟ إن هذين الدليلين لا يقوِّمان انحناء ولا يسدان ثغرة من متطلبات هذه النظرية العميقة المتعددة الأطراف ، حيث تحتاج إلى تحديد وتفصيل لمعناها ، كما يفقد النصان المشار إليهما موازين الشورى ومقاييسها وكيفية ضبطها ، إضافة إلى أنها تحتاج في تطبيقها إلى أدوات تنفيذية ووسائل تطبيقية .