لا إشكال ولا غبار على هذا المفهوم ، وإن كان هناك إشكال فهو في نفس الاصطلاح لأن الله في القرآن لا يعني المعبود ، فيمكننا أن نسمي هذا التوحيد بتوحيد العبادة ولكن لا كلام لنا في الاصطلاحات إذا اتفقنا في المفاهيم . قد أجمع المسلمون على وجوب اجتناب عبادة غير الله ، وأن يفرد الله تعالى وحده بالعبادة ، ولكن الخلاف هو في تحديد - مفهوم العبادة - وهو أهم شيء في هذا الباب ، لأنه المكان الذي زلت فيه أقدام الوهابية ، فإذا قلنا أن التوحيد الخالص هو صرف العبادة لله تعالى ، لا يكون له معنى إذا لم نحدد مفهوم العبودية ، ونعرف حدودها وضوابطها ، حتى يكون لنا معيار ثابت نعرف به الموحد من المشرك ، فمثلاً الذي يتوسل ، ويزور مقابر الأولياء ويعظمهم ، هل يعد مشركاً أم موحداً ؟ وقبل الإجابة لا لنا من ضابط نكتشف به مصاديق العبادة في الواقع الخارجي . مناقشة الوهابية في مناط مفهوم العبادة : اعتبرت الوهابية أن مطلق الخضوع والتذلل والتكريم عبادة . فكل من يخضع أو يتذلل لشيء يعتبر عابداً له ، فمن يخضع ويتذلل لنبي من أنبياء الله أو ولي من أوليائه بأي شكل من أشكال الخضوع يكون عابداً له ، وبالتالي مشركاً بالله تعالى ، فالذي سافر ويقطع المسفات من أجل زيارة رسول الله ( ص ) حتى يُقبّل ضريحه الطاهر ويتمسح به تبركاً يُعتبر كافراً مشركاً ، وكذلك الذي يبني المشاهد والقبب على الأضرحة لتكريمها وتعظيمها . يقول ابن عبد الوهاب في احدى رسائله : ( . . فمن قصد شيئاً من قبر أو شجر أ ونجم أو ملك مقرب أو نبي مرسل لجب نفع أو كشف ضر فقد