وعلى ذلك فقوله : ( أما توحيد الربوبية فيقر به الكافر والمسلم ) كلام لا وجه له وتخالفه النصوص القرآنية الصريحة ، قال تعالى : ( قل أغير الله أبغي رباً وهو رب كل شيء ) الأنعام / 164 ، هذا خطاب من الله سبحانه إلى رسول ( ص ) ، ليقول لقومه ، أتأمروني أن أتخذ رباً أقر له بالربوبية والتدبير غير الله الذي لا مدبر سواه ، كما تتخذون أنتم أصنامكم وأوثانكم وتقرون لها بالتدبير ، وإذا كن الكفار يقرون بالربوبية لله وحده ، كما يزعم ابن عبد الوهاب لكان ليس لهذه الآية معنى ، فتكون زائدة ونازلة عبثاً - والعياذ بالله - لا ، كل الناس - على حد زعمه - مسلمهم وكافرهم يوحدون الله في ربوبيته فلا يأمرون الرسول ( ص ) بأن يتخذ رباً غير الله ، ومثل هذه الآية ما نزل في مؤمن آل فرعون ، قال تعالى : ( . . أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم ) غافر / 28 . وعشرات الآيات تؤكد أن الرب لا يعني الخالق ، وإنما يعني المدبر الذي بيده تدبير الأمور ، والرب بهذا المعنى كما تؤكد الآيات لم يكن موضع اتفاق بين البشر ، ولم يكن ابن عبد الوهاب إلا تلميذاً مقلداً لابن تيمية . فقد نقل منه هذه الفكرة من غير تدبر فيها فكان خطره على المسلمين أعظم ، لان ابن تيمية لم يخرج هذه الفكرة من إطار الاصطلاح والمنهج العلمي ، بخلاف ابن عبد الوهاب الذي ساعدته الظروف على ممارسة هذه الفكرة على الواقع العملي وتطبيقها على المسلمين ، فكانت نتيجتها تكفيرهم ما عدا الوهابية ، ولكي يتضح لك ذلك نتناول نظرته حول توحيد الألوهية . مناقشة توحيد الألوهية : يقصد الوهابية بتوحيد الألوهية أنه صرف العبادة لله سبحانه وتعالى ، وأن لا شرك في عبادته غيره ، وهذا هو التوحيد الذي بعث الله الأنبياء والرسل من أجله .