هذا رأس أحمد بن نصر بن مالك ، دعاه عبد الله الإمام هارون - وهو الواثق - إلى القول بخلق القرآن ونفي التشبيه فأبى إلا المعاندة فعجل الله به إلى ناره ( 1 ) . ( 2 ) يوسف بن يحيى البويطي ، كما تقدم من تلاميذ الشافعي وخليته على حلقة درسه ، حُمل من مصر إلى بغداد مثقلاً بأربعين رطلاً من الحديد ، وامتحن فأبى أن يقول أن القرآن مخلوق ، وقال : والله لأموتن في حديدي هذا حتى يأتي من بعدي قوم يعلمون أنه مات في هذا الشأن قوم في حديدهم ، ولئن دخلت عليه - يعني الواثق - لأصدقن ، ومضى على امتناعه حتى مات بسجنه سنة 232 ه - . . . . . وآخرون لا يتسع المجال لذكرهم كانوا أكثر جموداً وإصراراً من أحمد ، ومن الظلم أن يُخصّ احمد بن حنبل بهذه المحنة وأن تكون أعظم بطولاته ، رغم أنه كان غير ذلك تماماً كما عرفت خضوعه وإقراره للمعتصم . أحمد في عهد المتوكل : عندما جاء المتوكل إلى سدة الحكم ، قرّب أهل الحديث ونكّل بالمعتزلة ، بعكس ما كان في عهد المأمون والمعتصم والواثق ، وامتحنهم بخلق القرآن ، فمن قال منهم بخلق القرآن عُذب وقتل ، فوجد أهل الحديث بغيتهم وارتفع بذلك صيتهم ، وتبوأوا المكانة الرفيعة ، وانتقموا من المعتزلة شر انتقام . قال أحمد أمينك ( فأراد الخليفة المتوكل أن يحتضن الرأي العام وأن يكتسب تأييده ، فأبطل قوله بخلق القرآن ، وأبطل الامتحانات والمحاكمات ، ونصر المحدثين ) ( 2 ) .
1 - طبقات الشافعية ج 1 ص 270 . 2 - ظهر الإسلام ج 4 ص 8 .