أحكامهم وفتاويهم ، ففشا هذا المذهب هناك وحظي بالقبول لا بحسب مؤهلاته ومقوماته الروحية ، وإنما سار على حسب نظام القوة التي خضع الناس لها بدون تبصر ) ( 1 ) . وكذلك انتشر في المغرب عندما تولى علي بن يوسف بن تاشفين ، في دولة بني تاشفين فعظم الفقهاء وقربهم ، وكان لا يقرب إلا من كان مالكياً ، فتنافس الناس في تحصيل المذهب المالكي فنُفقت في زمانه كتب المذهب وعملوا بها وتركوا ما سواها حتى قلّ اهتمام الناس بكتاب الله وسنة نبيه . هكذا لعبت السياسة في دين المسلمين فأصبحت هي التي تتحكم في اعتقاداتهم وتسيّر عباداتهم ، فتوارث الناس المذاهب المفروضة وسلموا بها من غير جدال أو نقاش ، وكان الأجدر أن يستقل كل جيل في معرفة ذلك ولا يقلد ويطيع طاعة عمياء . قال ابن حزم : مذهبات انتشرا في مبدء أمرهما بالرئاسة والسلطان : مذهب أبي حنيفة فإنه لما ولي أبو يوسف القضاء كان لا يولي قاضياً إلا من أصحابه المنتسبين إليه وإلى مذهبه . والثاني : مذهب مالك عندنا في الأندلس ، فإن يحيى بن يحيى كان مكيناً عند السلطان مقبولاً في القضاء ، فكان لا يولي قاضياً في أقطار الأندلس غلا بمشاورته واختياره ولا يسير إلا بأصحابه ، والناس راع إلى الدنيا ، فأقبلوا عل ما يرجون به بولغ أغراضهم ( 2 ) . طعون على مالك : تجاوزت في هذا المقام ، أقوال المتعصبين له ، وتركت ما عندهم من فضائل ما أنزل الله بها من سلطان ، لأنها ليست ميزاناً واقعياً لمعرفة شخصية
1 - الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج 1 ص 166 . 2 - ابن خلكان ج 2 ص 116 .